سأقص عليكم إحدى مشاهداتي :
من عاداتي اليومية أن أقوم بجولة قصيرة مرتدياً لباساً رياضياً
أدرب مشيتي وأصححها , دون الاستعانة بأي أداة مساعدة .
ولا أهتم لنظرات الآخرين .
لفت نظري ترجل فتاة - معاقة حركية - من حافلة عامة وبيدها
عكازه تتوكأ عليها وبيدها الأخرى كتاباً وكراسة .
اقتربت منها وبادرتها بالسلام والتعريف باسمي , فردت السلام
بكل أدب وعرفت باسمها .
- هل حصلت على بطاقة المعاق ؟
= نعم ويا ليت لم أتكبد عناء الحصول عليها .
- لم يا ابنتي ؟
= استمع إذاً : أنا كنت طالبة بالجامعة اللبنانية في بيروت بالسنة الثالثة
أدب عربي ,وأنت تعرف أحوال الطلبة السوريون بعد اغتيال الحريري
وخروج الجيش السوري من لبنان .
تكرمت وزارة التعليم العالي عندنا وقبلت أن نكون طلاباً في كلياتها ,
على نظام التعليم الموازي , والقسط السنوي تقريباً يساوي ما كنا
ندفعه في لبنان .
- هل طالبت الجهات المعنية بفرصة عمل لك ؟
- = نعم , تقدمت بطلب تدريس ساعات باختصاصي , ولم يلبى طلبي
- هل استفدت من منحة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية ,بحصول
كل معاق على عدة ساعات انترنت مجانية ؟
= نعم , وربما تعلم بأن الجمعية قد خفضت عدد الساعات الممنوحة
وبعد شهرين فقط من بداية تكرمها , من 150 ساعة شهرياً إلى 27 ساعة .
وهي لا تكفي أي مستخدم عادي لمدة أسبوع فقط .
- هل تمارسين عملاً ما ؟
= أقوم بتدريس بعض الطلاب , لقاء أجر متواضع
- هل قدمت لك الجهات الصحية , خدمات علاجية لحالتك ؟
= إن إعاقتي تسمى : خلع ولادي , لن ينفع لها أي علاج بعد هذا العمر .
لاحظت التعب على وجهها من الوقوف , فقلت لها :
أرجو أن تعلمي أن هناك مراسيم تشريعية , تضمن لك :
العلاج الصحي , وفرص عمل مناسبة , والاستثناء من معدلات القبول
في الجامعات السورية , وميزات أخرى متعددة .
فردت حزينة : وأنت تعلم تماماً , أن كل هذه المراسيم غير مفعّلة ,بل هي
حبر على ورق .
ودعنا بعضنا , وكل منا يتمنى الخير للآخر .