الفتاة المعاقة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الفتاة المعاقة

كل ما يخص الفتاة المعاقه من كافة جوانب الحياة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مخلوق إنساني ثالث !!!...

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أمير الخيال




عدد الرسائل : 37
تاريخ التسجيل : 25/05/2010

مخلوق إنساني ثالث !!!... Empty
مُساهمةموضوع: مخلوق إنساني ثالث !!!...   مخلوق إنساني ثالث !!!... Icon_minitimeالأحد أغسطس 22, 2010 8:39 am

مخلوق إنساني ثالث




لمدة ثلاثة ثواني أو أقل رنوت إليها.. بالمُقارنة بثواني الدنيا فهي ضئيلة جداً لا تساوي شيئاً أمام طول وقت تأملي فيها، دهراً من الدهور..

ثلاث ثواني أو أقل، ولكنها بقيت في ذاكرتي تحوم في أجوائها لعدة أيام، وما زالت باقية كصورة حية، أو كمشهد حي يتحرك، حتى إذا توقف عند نهايته بالنسبة لي أعاد الكَرة، فبدأ من جديد وتكرر بتأملات مُتشابهة وغير مُتشابهة.. وهكذا دواليك..

كنت ماراً بدراجتي البخارية المُجهزة على الطريق السريع، وكل السيارات تخوض للأمام، وكنت معهم أخوض في أمواج الطريق، وأتجاوز عثراته.. عندما لمحت من أمامي على بُعد من ناحية أقصى اليمين على الرصيف هيكلاً أألفه يقترب ويتجه عكس سير الطريق؛ أألفه لأني أملك هيكلاً مثله، وما أن ألفته حتى جعلت عيني تتبعه، يجتاحني إصرار ألا أشيح بعيني عنه مهما كان..

عندما اقتربتُ متراً ربما، واقترب مني.. تبينت صبي صغير مشدود العُود، مُتناسق الهيئة، يحث الخُطى، وهو يدفع هيكلاً أو مُقعداً مُتحركاً أمامه.. لقد تبينت الصبي لحظة أو أقل.. ولكني ما أن استقرت عيني على ما يحمله المِقعد حتى تسمرت عيني عليه أو عليها بالأحرى، ولم تزغ عيني، لا تريد أن تبرح صاحبته ما بقى وقُدر لي من ثواني أُتيحت لي فيها أن أراها في وضع يُمكنني من الإلمام بها، ومُتابعتها قبل أن تتجاوزني وأتجاوزها..

إنها فتاة مُقعدة.. فتاةٌ بكر.. أو هكذا تفرست.. بدا لي هذا من جسمها النحيل واليافع، والذي بدا أنه قضى عُمراً كاملاً في المُعاناة والإعاقة.. كما أن رُوح الأُنوثة البِكر استشففتها منها من ردائها الذي يشبه زي البنات الريفيات.. لم يبدوا لي أنها متزوجة.. وكيف لها أن تتزوج وهي على هذه الحالة في ظني ؟!..

كانت مُعاقة.. لم يكن جسمها مُتناسق القوام.. تجري الإعاقة على هيئتها كما يجري الماء مُتخذاً صفته في جميع أجزاءه، ويتميز من الطين في جريانه فلا يتمازجا، ويتناقضا..

من أول وهلة نظر إليها تُميز بأنها لم تُخلق إلا مُعاقة في جسدها الذي ظاهره الاعوجاج والضمور..

لم يكن كل هذا داعياً لدهشةٍ لدي أو استغراب، أو اشمئزاز أو انزعاج أو حتى لا مُبالاة...

إنما الذي دعاني هو التأمل في النقاب الأسود الذي انسدل على وجهها.. بشكل غير مُتناسق..

صراحةً لا أعرف إذا كان مُتناسقاً أو عير مُتناسق عليها بالذات..

لقد ألقيت نظرة دسمة على شكلها العام به، وأخذني العجب لهذا الشكل الجديد على مخيلتي، وعلى خبرتي في الحياة..

وكان من الواضح أني سأُضم مُشاهدة جديدة قيمة إلى مُشاهداتي العجيبة التي أختزنها في وجداني وذاكرتي على مر أيام حياتي..

بدت لي كأنها ملك فرعوني يلبس خوذته الحربية السوداء، ويجري على عجلته الحربية يخوض غمار كُتل أجساد الأعداء المرمية أمامه، ويُواجههم بنظراته الدقيقة المُميتة من خلال خُوزته السوداء، والتي تُبرز عيناً واسعة فيها إصرار بالغ على الحياة، وزحزحة كل ما أمامها يُعيقها ليعيش مكانها..

انتقلت نظرتي إلى عينيها الوحيدتين في صحراء ليلتها قاتمة.. وبدت لي عينيها كأنها عيون سحرية تحوي في أعماقها الكثير من الأسرار..

وألح على عقلي سؤال واحد:

ــ لماذا النقاب ؟..

وكأن السؤال انتقل إلى نظرتي، التي ألقته في وسط الواحتان المائيتين اللتين أوتيتا انعكاساً لشمسٍ كاسفة، واللتين تظهران وتشعان من بين السواد المُنسدل حوليهما..

التقطته عينيها، وصنع فيهما دوامة مائية واسعة، فالتفتت إليَّ بعينيها، وما زال السؤال في عيني يُلقي في عينيها بالحصى البريقي، وعندما كانت الحصيات تصنع الدوامات تفتحت لي أعماقها المكنونة بالأسرار.. وقام بيننا حوار...

ــ لماذا هذا النقاب القاتم الذي يسد عن وجهك نسمات الهواء وأشاعة الشمس ؟..

ــ برغم نفاسة النسمات ونضارة الشمس اللاتي أعشقهما، فإن النقاب يسد عني النظرات المُوبقات..

ــ أي نظرات موبقات ؟..

ــ نظرات الناس مُفترسة..

ــ إنما فعلكِ مثل...

لم أستطع أن أُكمل الحوار بين عينينا.. ولكنني فهمت أنها تستتر وتحتجب ما استطاعت عن الناس.. كأنها نعامة، إذا دق جرس الخطر دفنت رأسها الصغيرة في الرمل.. وجسمها الضخم ظاهر لعيون الصيادين.. وكان فعلها يدعو للعجب، وللاحترام في ذات الوقت.. وشعرت أنها تُومئ لي من خلفي إذ وصلت لهذه الأفكار..

إنني بإعاقتي أيضاً أشعر أنني أريد أن أفعل مثلها.. أحتجب عن الناس، وأستتر، ويكون بيني وبينهم حائل.. خاصةً البنات والصغار منهم..

ربما هي أيضاً كانت تنتابها نفس هذه النفسية... تحتجب عن الشباب، والرجال، وهؤلاء الصغار الذين لا يتورعون أن يُعبروا عن استغرابهم بألسنتهم السليطة بفطرة الإنسان الذي يستنكر كل غريب عنه، ويعتبره عدوه، ويزجره، ويُطيح به في غابة الأقوياء التي لا تقبل بينها ثمة ضعفاء...

وهؤلاء الشباب بالنسبة لها الذين لن يُفكروا أبداً في الزواج من فتاة مُعاقة لا تستطيع أن ترقص رقصة الحياة معهم.. وما نظرتهم إذا التفتت إليها إلا شفقةً واستعجابا.. لا بنظرة حب أو إعجابا..

كذلك بالبنات بالنسبة لي.. نظرتهم لشاب معاق مثلي نظرة شفقةً واشمئزازاً واستضآلا.. استضآل للرجولة أو الشباب في كتلة إنسانية مُشوهة ناقصة الاتصاف.. فلربما كانت كتلة حية.. مخلوق ثالث غير الذكر والأُنثى..هذا ظنهم، وتلك نظرتهم..

وكذا هي.. فلكأنها نوع ثاني من صنف المخلوق العاقل الثالث على الأرض غير الذكر والأُنثى.. أنا كمعاق النوع الأول، وهي النوع الثاني، كطبيعة أن لكل شيء في الأرض زوجين، ذكر وأُنثى..

وربما شكلها هو الذي أوحى لي بعُمق الوصف بهذا النقاب والهيئة الغير مُعتادة بين الأصحاء، ذكراً أو أُنثى...

تعاطفت معها بكل كياني.. وشعرت أنني وهي من صنف واحد..

الصنف الإنساني الثالث العاقل على الأرض..

ربما الأجدر أن نُسمي الصنف الثالث هذا البشري الواقع بين حد فاصل بين الذكر والأُنثى، ويُسمى الشاذ..

ولكن هذا سهل أن يُغلب بميوله، فيُصبح ذكراً خالصاً، أو أُنثى خالصة.. ومهما وُصف هذا الإنسان فإنه واقع بين حدين طبيعيين صحيحين، وهو مُندمج مع حياة الطبيعيين.. فلا ينطبق عليه الوصف..

أما المُعاق فهو الذي يستحق وصفه بالشاذ، أو المخلوق الثالث تنزيهاً عن وصف الشاذ، وما يُفرزه ويتبعه من التفكير عنه..

فهو ناقص الهيئة الطبيعية التي تُميز المخلوقين الأساسيين والغالبين بنوعيهما على الأرض.. والأهم أنه مُنعزل عن الناس، وحياتهم الطبيعية التي يُمارسونها بما اتفقوا عليه من قُدرات طبيعية مُتشابهة.. أما هو فمُنفرد في تفكيره عنهم، وفي تحركاته عنهم.. وفي ظروفه عنهم.. فحالته تفرض عليه نوع من الانعزال النوعي التابع لاستخدام أدوات ووسائل جديدة أو مُختلفة، غير هذه التي يستعملها الطبيعيين أو الأصحاء..

إنه النوع الثالث الإنساني أو البشري على الأرض..

ربما بحكم انتمائي إلى هذه الفتاة المُعاقة، نوعياً وحالةً ووضعاً، شعرت برغبة لحوحة في التوقف والتحدث معها.. وبرغم غرابة الفكرة.. فلم يكن يعنيني بُعد القرابة بيننا.. كل ما شعرت به أنها قريبة مني بقرابة قوية وثيقة.. قرابة الإعاقة.. وأنها قرابة أقوى من كل القرابات المُتعارف عليها، على الأقل المُتعارف عليها بين المُعاقين فحسب.. وبشكل أدق الأحاسيس العفوية التي تجمع بين إنسانين مُعاقين.. فما أن يرى معاقاً معاقا فتلقائياً تنساب في كِلا وجدانيهما مشاعر الود والأُخوة والقُرب والانتساب....

وانتابتني جُرأة عتيدة نابعة من قرابتي الوطيدة بها أنه ليس عليَّ من مأخذ إن توقفت وتعرفت عليها، وطلبت منها أن تحكي لي عن نفسها، ومآسيها، ونتشاطر شجن إعاقتنا، والمواقف المؤلمة التي نتعرض إليها، وكيفية استقبالنا لها، وتعاملنا معها..

شعرت أنني أحتاج لهذا منها، وهي أيضاً تحتاجه مني.. ونضم وحدتنا كحزمة مُضيئة مُتشابهة وثيقة مربوطة في هذا العالم الغريب عنا..

وكأنني شعرت أن لا حائل يمنعني من ذلك.. لا عائق يمنعني من التودد إليها، والإغراق في عالمها، وما هو أبعد من ذلك...!!

خِطبتها!... والزواج منها!..

ورُحت أتخيل حياتي معها إن تزوجتها...

سيكون فهمنا مُتوحداً..

لن تتضايق كون زوجها ــ إذا تزوَّجت ــ لم يتآزر مع مشاعرها أو يتفهم حاجتها واحتياجها..

ولن أتضايق من زوجتي كونها نفرت من هيئتي، واحتاجت إلى أن يقف بجانبها رجل يملك مميزات القوامة والقوة المشهور بهما الرجل..

إذا رجعت البيت، وجدتها تستقبلني بأفضل ما عندها، وهو يعني لي الكثير..

ألفاها تُحقق قيمة القرار في البيت بالنسبة للزوج.. فلن أحمل هَم وقلق ذهابها مشوار أو مقصدٍ ما خارج البيت وحدها دون مُرافقتي لها..

وهي نفسها لن تبتئس إذا خرجت ولم تجد زوجها مُرافقاً لها يتأبط ذراعها..

قد تفرض علينا حالتنا الخاصة وِحدة وعُزلة، جراء نفور الناس من أشباهنا، وعدم تآلفهم مع شكلنا.. ولكن الوِحدة والعُزلة أخف كثيراً من الاندماج مع عقول محدودة لا ترقى لمستوى عقولنا وتميزنا..

وقد ننفر أحياناً من المعيشة في جسد مُعطل.. جسدين مُعاقين، يبعثان على الكآبة والبؤس، ولكن ستظل هيئتنا ونوعنا المُختلف وأدواتنا المُميزة باعثة في أعماقنا التحدي والتكيف والتميز والمرح..

سنأمل معاً أن نتخلص من مقاعدنا المُدولبة، ونقوم مُستقيمين ممشوقين مستويين، بين بستان رباني يُسمى الجنة، فتتأبط ذراعي، ونمشي سوياً إلى النعيم...

إنه الأمل مع الألم..

عندما ترنوا إليه فصيلة ثالثة من البشر..

نوعية ثالثة من الإنسان..

يعيش في الدنيا وحيداً في بقعة ضيقة برغم اتساع العالم..

كمخلوق إنساني ثالث.




تمت بحمد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفتاة المعاقة
الادارة



عدد الرسائل : 476
تاريخ التسجيل : 07/08/2007

مخلوق إنساني ثالث !!!... Empty
مُساهمةموضوع: رد: مخلوق إنساني ثالث !!!...   مخلوق إنساني ثالث !!!... Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 25, 2010 11:06 pm

مخلوق انسانى ثالث هؤلاء الملائكة الاقرب منهم للبشر المميزين بالعيون البريئه

والوجه المشرق الحزين اعرفهم بسيامهم واشعر بهم عن بعد

احس باحساسهم ومعاناتهم وحرمانهم من حقهم فى الحياة كباقى البشر

واعلم ان الله مكرمهم ومعوضهم باذنه تعالى ومدخلهم جنة الخلد وملك لا يبلى ان شاء الله

اشكرك امير الخيال على تسليط الضوء على كل معاق ومعاقة ووصف شعورهم واحساسهم تجاه الاخرين

واشكرك ايضا على النتيجه التى توصلت لها تجاه كل معاق ومعاقة وكيفية اختيار شريك الحياه

وكيف ان الشعور والتوافق النفسي يمكن ان يحقق الرضا والتوافق بين الطرفين

وكيف ان يرضى كل طرف بما يقدمه الطرف الاخر وكيف يعنى هذاالكثير بالنسبة للطرفين

ارجو ان يعيد كل معاق ومعاقةالنظر فى احتيار شريك الحياة

وان يرضى كل منهما بالاخر

جزاك الله عنا خيرا


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مخلوق إنساني ثالث !!!...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الفتاة المعاقة :: ¯`·.·••·.·°¯`·.·• مــنـتـدي الـــــوحـــــي الـــــفـــــكــــري •·.·°¯`·.·••·.·°¯ :: قـــــــســــــم الــــقـــــصـــــص و الـــــــــروايــــــات-
انتقل الى: